عندما يعلن أحد المسلمين خروجه عن الإسلام، فهل يقتل؟
الإجابة المستقرة على هذا السؤال هي: نعم يقتل. وهناك اختلاف حول استتابته قبل قتله، وحول مدة هذه الاستتابة، واختلاف حول ردة المرأة: هل تقتل أم لا؟… وفي العموم نجد أن الاتفاق على قتله اتفاق عام بين المذاهب الأربعة، ويوصله بعضهم إلى اتفاق بين المذاهب الثمانية، كما ذكر ذلك القرضاوي.
ولهذا الرأي أدلته، فمن القرآن “ستُدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون”، فسرها بعضهم بأن المقصود هم بني حنيفة. ومن السنة عدة أحاديث، أهمها “من بدل دينه فاقتلوه”، و “لا يحل دم امرئ إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق لجماعته”. وإضافة إلى هذه الأدلة، تأتي دعوى الإجماع في المسألة داعمة لهذا الرأي.
فأما دعوى الإجماع، فإن كان يقصد بها إجماع مجتهدي القرون الأولى، فلا يسلم لما روي عن إبراهيم النخعي وسفيان الثوري قولهما بان المرتد يستتاب أبدا مع السجن، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب عندما سأل عن من ارتد من بني بكر بن وائل. وإن قصد بالإجماع، إجماع الصحابة على قتال المرتدين، فهو أيضا لا يسلم. وذلك لعدة أسباب: الأول، أن الذين حاربهم أبا بكر لم يكونوا كلهم مرتدين، فهناك الممتنعين عن الزكاة، وهناك من لم يؤمن أصلا، وهناك المرتد الذي أعلن انفصاله عن جسم الدولة، وهناك المتوقفين المتربصين لمن الغلبة. فعلى الرغم من عدم اتفاقهم على الردة، إلا أن أبا بكر قاتلهم جميعا، مما يعني أن العلة لم تكن مجرد الخروج عن الإسلام. والثاني، أن ظاهرة الردة لا يمكن تسطيحها بمجرد الخروج عن الإسلام، فقد كانت حادثة سياسية خطيرة جدا، تمثلت في انفصال بعض القبائل والمناطق عن الدولة، وتسلط الأخرى على مبعوثي الدولة وعمالها، وكذلك هجوم البعض الآخر على المدن، ورسميا اعلنت كل من عمان والبحرين واليمن واليمامة خروجها عن الدولة، بل إنهم هاجموا المدينة بالفعل بعد أن أنفذ أبو بكر بعث أسامة، ولكن استطاعت حامية المدينة بقيادة الخليفة صدهم. وقد صورت عائشة الأمر بقولها “فنزل بأبي بكر ما لو نزل بالجبال لهاضها، اشرأب النفاق بالمدينة، وارتد العرب، فوالله ما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بحظها وفنائها في الإسلام”. السبب الثالث، أن موقف عمر بن الخطاب عندما ولي الخلافة من سبي المرتدين كان مخالفا لموقف أبي بكر، فقد ردهم وفداهم، ولو اتفق مع أبي بكر على كفرهم لما خالفه في سبيهم، مما يعني أن القرار السياسي النهائي الذي اتخذه أبو بكرليس دليلا على الإجماع. وبالمحصلة: إن كان الصحابة قد أجمعوا، فهم قد أجمعوا على قتال من خرج عن الدولة، وهؤلاء فيهم المرتد وغير المرتد… فالمسألة ليست هي المسألة. وفي هذا قال ابن حزم: “وأما الحكم في أهل الردة: فهو أمر مشهور، نقل الكواف لا يقدر أحد على إنكاره، إلا أنه لا حجة لكم فيه، لأن أهل الردة كانوا قسمين: قسما لم يؤمن قط كأصحاب مسيلمة، وسجاح، فهؤلاء حربيون لم يسلموا قط، لا يختلف أحد في أنهم تقبل توبتهم وإسلامهم. والقسم الثاني: قوم أسلموا ولم يكفروا بعد إسلامهم، لكن منعوا الزكاة من أن يدفعوها إلى أبي بكر رضي الله عنه فعلى هذا قوتلوا. ولا يختلف الحنفيون، ولا الشافعيون: في أن هؤلاء ليس لهم حكم المرتد أصلا، وهم قد خالفوا فعل أبي بكر فيهم، ولا يسميهم أهل ردة.”
هذا فيما يتعلق بالإجماع، أما الاستدلال بالقرآن، فإن ابن كثير ذكر في تفسير الآية أربعة أقوال واحد منها فقط أنهم بني حنيفة. وعلى التسليم بذلك، فإنه لا دلالة فيها، لأن ظاهر الآية يدل على أنهم كانوا كافرين، وليس هناك ذكر للردة، بل إن الاستدلال بهذه الآية يؤكد قول ابن حزم السابق أن أهل الردة كان منهم من لم يسلم أصلا.
وبتصفح القرآن، سنجد أن قضية التدين والردة عن الإسلام تم تناولها على ثلاث مستويات: المستوى الأول هو رفض الإكراه، سواء كان رفضا عاما “لا إكراه في الدين”، أو رفضا لإكراه الناس على الإسلام “أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، أو رفضا لكفر من تقول بالكفر مكرها “إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان”. المستوى الثاني، وهو الاكتفاء بذكر العقاب الأخروي دون أدنى إشارة إلى العذاب الدنيوي، ومن ذلك قول الله “من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم”، وقوله “ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون” وقوله في آل عمران عن الذين كفروا بعد إيمانهم “أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون”… وغيرها من الآيات، ولم تذكر عذابا دنيويا، بل إنها جعلت سبب الردة أنهم “استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة”، ومع ذلك فقد قصر العذاب عليهم في الآخرة. أما المستوى الثالث، فهو حكم الله على منافقين بالكفر بعد الإيمان ولم يأمر بقتلهم… كالذين قال فيهم “لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين” وقوله “ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم” إلى قوله “وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة…”.
وبتأمل كافة هذه المستويات، نجد أن القرآن لا يصرح أبدا بعقوبة للمرتد، بل يرفض الإكراه ويتحدث عن ما يحل بالمرتدين في الآخرة بعد “موتهم”. وهكذا لا يبقى إلا أدلة الحديث، وهذه سنرجئ مناقشتها للأسبوع القادم.
الحمد لله العالمين وأشهد أن لا اله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
تناولنا في الحلقات السابقة شيئاً من الأدلة المجمع عليها لقتل المرتد وذكرنا أهم شبهات حماة المرتدين وأرجو إلا يغضبوا عندما أصفهم بحماة المرتدين فالعالم كله يصف أي مدافع عن شخص أو جماعة أو أي شيء بأنه محام عن كذا فلماذا الغضب إذاً المهم سأذكر بعض شبهات القوم في هذه الحلقة وسأرجئ بقيتها للحلقات القادمة إن شاء الله.
الشبهة الثانية قالوا جاء عن الإمام إبراهيم النخعي أنه قال يستناب المرتد أبداً وفي رواية عنه لا يقتل والجواب عن هذه الشبهة من وجوه.
الأول: إذا أصحت هذه الفتوى عن النخعي فلا حجة فيها قال الإمام ابن المنذر إذ أثبت الحكم بالسنة وأتفق أهل العلم على القول به لم يضره خلاف من خالفه أنظر فتح الباري 8 /66 البخاري ومسلم على إخراج أحاديث قتل المرتد ونقل الأئمة الإجماع على ذلك كما تقدم معنا في الحلقات السابقة ومن رفض إجماع الأئمة على ذلك نهدي له قول العلامة القرضاوي حفظه الله في كتابه جريمة الردة وعقوبة المرتد صـ 44 “ ولكن العقوبة ـ أي على المرتد ـ في الجملة مجمع عليها “ فهل سيقبلو نقل القرضاوي للإجماع على عقوبة المرتد أم أنه لا يعرف الإجماع أيضاً المهم هنا لا يضر خلاف أي عالم للأدلة الصحيحة وإلا صار المرجع عند الخلاف العلماء لا الكتاب والسنة.
الثاني: إن هذه المقولة لا تصح عن النخعي لما يلي:ـ
أـ ضعفها الإمام ابن حجر فقال بعد إيرادها معلقاً عليها كذا نقل عنه مطلقاً والتحقيق أنه في من تكررت منه الردة أنظر فتح الباري 12/ 282 فهذا تشكيك من إمام الحديث في عصره بهذه الرواية فهل تقبلونه أم لا؟ .
ب ـ إن الإمام البخاري روى في صحيحه المجمع على صحته عند الأمة روى عن إبراهيم النخعي أنه قال بقتل المرتدة أنظر فتح الباري 12 /280 قلت وهذا يبطل ما روى عنه من عدم قتل المرتد فهو يرى قتل المرتدة فكيف بالمرتد أفلا تعقلون.
الثالث : أكثر الروايات الصحيحة عن النخعي يقتل المرتد منها ما رواه رواه عبدالرزاق في المصنف عن الزهرى في المرأة تكفر بعد إسلامها قال تستتاب فإن تابت وإلا قتلت وروي عن إبراهيم النخعي مثله وإخرج ابن أبي شيبه في المصنف عن النخعي قال إذا أرتد الرجل أو المرأة عن الإسلام استتابا فإن تابا تركا وأن ابيا قتلا وقوى هاتين الروايتين الحافظ ابن حجر ومنها رواية البخاري السابقة عن النخعي فهذه ثلاث روايات صحيحة عن النخعي يقتل المرتد بل والمرتدة فكيف تترك لرواية ضعيفة أو باطلة لا تصح عن النخعي أما ما روي عن النخعي من عدم قتل المرتد فقد رواه ابن شيبة في مصنفه وفي سنده عبيده وهو ضعيف كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح 280/12.
الرابع: إن القول باستتابة المرتد أبداً قول فاسد يبطل الجهاد وقد رد عليه الإمام ابن حزم بقوله “ لو كان هذا البطل الجهاد جملة لأن الدعاء كان يلزم أبداً مكرراً بلا نهاية وهذا قول لا يقوله مسلم أصلاً وليس دعاء المرتد وهو أحد الكفار بأوجب من دعاء غيره من أهل الكفر الحربيين فسقط هذا القول وبالله التوفيق أنظر المحلى 11/ مسألة 195 صـ 192 قلت : المعنى أن استتابة المرتد دائماً تلزم المسلمين عرض الإسلام على الكفار دائماً ويترك المسلمون الجهاد حتى يأتي الكفار بالجواب متى شاءوا وعليه فلا نجاهد مدى الحياة.
الشبهة الثالثة: حديث الأعرابي الذي بايع النبي صلى الله عليه وسلم فلما استوخم المدينة قال يا محمد اقلني بيعتي فأبى صلى الله عليه وسلم فخرج الأعرابي.
والجواب عن هذه الشبهة قول الحافظ ابن حجر رحمه الله إن هذا الأعرابي استقال من الهجرة الواجبة وليس من الإسلام وإلا لكان قتله على الردة ولو كان مرتداً لما احتاج إلى أن يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم أنظر الفتح 4 / 116وجـ 13 / 212.. قلت فاستدلالهم بهذا الحديث تدليس على الناس وبرهان على ضعف وهشاشة شباتهم لإسقاط حد الردة ، بل وقذف لهذا الاعرابي الصحابي بالردة وهو مسلم عصى رسول الله فقط بترك الهجرة لا بالخروج من الاسلام فانظر .. أخي القارئ ماذا يصنع الهوى بأهله.
الشبهة الرابعة: قصة الرجل الذي كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم ثم عاد نصرانياً فلما مات ودفن لفظته الأرض، والجواب على هذه الشبهة أن هذا الرجل خرج فاراً كما في صحيح مسلم حتى لحق بأهل الكتاب لا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم عليه حد الردة أنظر فتح الباري 327/6.
وأما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل المنافقين ونحوهم فهذا يحمل على محامل الأول :إما أنهم كان يسترون أنفسهم بالإيمان الكاذبة والتظاهر بالإسلام كما قال تعالى ـ اتخذوا إيمانهم جنة ـ المجادلة 16 وقال تعالى ـ يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم ـ التوبة 74 فهم ينكرون أنهم كفروا ويؤكدون ذلك بأيمانهم ويحلفون أنهم لم يتكلموا بكلمة الكفر فدل ذلك على أن الكفر إذا ثبت عليهم بالبينة فإن جنتهم تكون قد انخرقت وأيمانهم الكافرة لم تغن عنهم شيئاً أنظر الصارم المسلول لابن تيمية صـ 316.
المحمل الثاني: قول ابن القيم :” وأما تركه صلى الله عليه وسلم قتل من قدح في عدله فذلك أن الحق له وله أن يتركه وليس لأمته إلا استيفاء حقه وأيضاً فإن هذا كان في أول الأمر حيث كان صلى الله عليه وسلم مأموراً بالعفو والصفح، أنظر زاد المعاد 4/ 29 قلت وهذا المحمل الثالث وهو نسخ الأمر بترك المرتدين.
المحمل الرابع: قول الحافظ والذي يظهر أن ترك قتل اليهود إنما كان لمصلحة التأليف أو لكونهم لم يعلنوا به ـ أي بسبب النبي صلى الله عليه وسلم ـ أولهما جميعاً وهو أولى ثم أشار إلى أن هذا اختيار البخاري أنظر الفتح492/21.
http://www.algomhoriah.net/articles.php?id=17740
لدي تسائل بسيط في إستدلالك من سورة آل عمران ،” وقوله في آل عمران عن الذين كفروا بعد إيمانهم “أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون”… وغيرها من الآيات، ولم تذكر عذابا دنيويا،.
في هذه الآية قال تعالى “خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ”
ألا تعتقد أن ال التعريف في العذاب تدل على شيء معروف و معلوم؟ لأن الله سبحانه لم يقل عذاب أي مجهول في الآخرة،بل قال العذاب و هو الأقرب لكونه عذاب دنيوي ، لأن ال التعريف هنا لها دلالة على واضحة لدنيوية العذاب قبل الآخرة.
وشكراً
غير صحيح الاية تقول انهم لا يخفف عنهم العذاب في المكان الذي هم خالدين فيه ولا ينظرون
اي عن حالهم يوم القيامة
بنسبة لمعظم الناس لم يفهمو الدين البعـض شوهو الاسلام تجد الفديوهات القتل والذبح صراحة لم اجد ما اقوله تجاه تلك الوحوش انعدمت الانسانية في قلوبهم اتمنى لهم الجهنم
أكثر ماشوهه الاسلام هو الالتزام بأقوال السلف والأئمة أكثر من أقوال الله ورسوله -عليه الصلاة والسلام – والاستشهاد بها ..
كنت بوصفي طالب علم شرعي أرى حد الردة، لكني بعدما سمعت تعليقات لم أنتبه إلى معناها إلى الآن ثم ما شاهدته من سلوك جماعات تدعي الحكم باسم الدين صرت أرى عدم وجود حد للردة في الأصل.
لقد أخطأت في كتابة كلمة، وأنا أقصد أن هناك تعليقات على أدلة لم أنتبه إليها إلا الآن.