جميعنا شاهدنا الزلزال المدمر الذي تعرضت له دولة اليابان، ولعل البعض منا يتابع أخبار وتطورات الأزمة النووية التي خلفها الزلزال. كيف تحل الأزمة؟ سؤال صعب، يتشظى اليابانيون أمامه إلى عدة جبهات وأقسام. وفي مثل هذه الأزمات، يصبح أصعب الأشياء هو اتخاذ موقف واعتماد قرار. أما أسهل الأشياء، والتي يستطيع أن يقوم بها أبسط الناس وأقلهم مهارات وقدرات عقلية، هو أن يأتي أحدهم بعد انتهاء الأزمة وانقضاء المحنة: ليقيم “ما كان يتوجب فعله” و “ما كان يتوجب توقعه” ويحدد حدود “المفروض” و “الواقعي”، وينتقد “مثالية” هذا و”جهل” ذاك…إلخ. مهما كانت أحكام وتقييمات مثل هذا الشخص صحيحة ودقيقة، إلا أنها بلا قيمة، فالعبرة بموقفك أثناء “الأزمة” أو “الحدث”، لا موقفك بعد انقضائه إلا إذا كنت تريد تقديم دراسة وصفية لما جرى، أو تقييم عام للأحداث لأهداف أكاديمية بحتة، لا أن تقدم نفسك كمشاركا في الأحداث وفاعلا فيها. فشخص ما اشتم رائحة حريق في منزله، أصابه الهلع، واستنفرت كل حواسه، وتمزق عقله بين إنقاذ نفسه وإنقاذ أسرته وإنقاذ أملاكه، كيف سيستخدم الشخص هنا عقله هو المحك، فإن فر بجلده بانت “أنانيته” وإن مات منقذا غيره تكشفت “تضحيته”… فالأزمات تظهر معادن الناس. أما كيف يستخدم عقله أحد الذين قرأوا خبر هذا الرجل في الجريدة من اليوم التالي وهو يحتسي كوبا من الشاي: فهو غير مهم، ولا يعكس شيئا، وهو بالغالب “فرد عضلات”، لأن لا امتحان حقيقي هنا، اللهم “كاسة شاهي وسواليف”. فأحد علامات الشخصيات العظيمة هي “كيف يفكرون تحت الضغط وفي الملمات”، أما الأشخاص العاديين فهم مخصصين للظروف العادية، أو الانشغال بمتابعة الشخصيات العظيمة. Continue reading
-
أحدث المقالات
- صراع القبة: هل أصبحت المعارضة غاية بذاتها؟ 27 مايو 2021
- الديمقراطية وثقافة الجماهير 25 أبريل 2021
- عن الكتابة 5 مارس 2020
- هل أتخصص علوم سياسية؟ ما هو مستقبلها في السعودية؟ 29 سبتمبر 2018
- العلوم السياسية: ما هي؟ وكيف أقرأ فيها؟ 8 يوليو 2018
- لؤي الشريف والصعود إلى أسفل 9 أكتوبر 2017
مقالات أخرى