-١-
كيف اختلفت “النخبة المثقفة” السعودية حول اليوم الوطني؟
الجواب بسيط: كان الخلاف حول سؤال: هل الوطن هو الحكومة أم أنه أكبر بكثير من الحكومة؟ وتحول الخلاف من كونه خلافا بين وجهات نظر، إلى معيارا يتم بواسطته توزيع الأحكام على الآراء، فمن يستغل اليوم الوطني من أجل صب المدائح على الحكومة أصبح مرتزقا، بوقا، أو وطنيا حقا؛ أما ذاك الذي يؤكد على أن الوطن أكبر من الحكومة، ويدعو لأن يكون هذا اليوم إعادة تأكيد على الإصلاحات المطلوبة من الحكومة، اعتبر نفسه أنه هو الوطني حقا، والإصلاحي، وقد يُنظر إليه بأنه محرض ومحاولا لشقّ الصف.
ما يهم هنا ليس السهولة التي تتحول فيها الخلافات الفكرية السعودية إلى مناسبات تبادل شتائم وتخوين وتكفير؛ ما هو شديد الأهمية في هذا الخلاف حول اليوم الوطني، أن الفريقين – شاءو أم أبو- منشغلين بالحكومة أكثر من انشغالهم في “ما يعنيه هذا اليوم”. فمهما جادل ذاك الذي يؤكد على أن الوطن أكبر من الحكومة، فهو إنما يفعل ليسمح لنفسه انتقاد الحكومة دون أن يحسب نقده هذا نقدا للوطن، الأمر الذي يستتبع الخيانة.
وإذا كان انشغال “النخبة المثقفة” في اليوم الوطني يتكشف بسهولة عن انشغال بالحكومة- أي بالحاضر- فهذا لا يعني أكثر من تفريغ “اليوم الوطني” من محتواه. Continue reading