لم يكن مدهشاً أن يقول رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في لقائه مع القناة الإسرائيلية: «لن تكون هناك انتفاضة مسلحة ثالثة ضد إسرائيل»، وأن يقول: «أنا لاجئ، وليس لي حق دائم في طلب العودة إلى البلدة التي طردت منها»، لم يكن ذلك مدهشاً أبداً، لأننا جميعاً نعرف أن هاتين هما ركنا العقيدة الأساسية لهذا الرجل: قمع أي محاولة لمقاومة إسرائيل، والتنازل عن حق العودة لصالح كسب الاعتراف بدولة مستباحة السيادة.
لكن الذي كان مدهشاً في حديث عباس هذه المرة هو الصياغة التي صاغ بها اعترافه بعقيدته، وبشكل أكثر دقة أن يُعرِّف نفسه كـ«لاجئ».
عندما انهارت الإمبراطوريات بُعيد الحرب العالمية الأولى، وبدأ تجميع الشعوب التي كانت تسكن فيها على شكل أمم تتشارك وتقاسم دولاً حديثة، بدأ أيضاً يظهر أمام العالم للمرة الأولى ظاهرة «اللاجئين»، مليون ونصف المليون روسي، 700 ألف أرمني، 500 ألف بلغاري، مليون يوناني… ومئات الآلاف غيرهم. أن تكون لاجئاً يعني باختصار أنك بلا دولة، وأن تكون بلا دولة يعني أن تكون مستباحاً وبلا أي حقوق، وهذه هي المتناقضة الرئيسة الكامنة في أيديولوجيا «حقوق الإنسان»: أنك في أشد لحظاتك بشرية،