العرب يعيشون بين زمانين، لكل زمان منهما مسلماته وخطاباته و«عقله»، بل حتى واقعه، الخاص به، ولعل المثال الصارخ الذي يوضح هذا الأمر هو الانشطار في الفصائل الفلسطينية بين مشروعين: مشروع «بناء الدولة» من جهة، ومشروع «مقاومة الاحتلال» من جهة أخرى، مشروع بناء الدولة وعلاقة المواطن العربي بدولته ينتمي لزمان خاص به، ومشروع مقاومة الاحتلال واستعادة سيادة الأمة ينتمي لزمان خاص به هو أيضاً، والعرب يعيشون في هذين الزمانين في الوقت نفسه، يتكلمون بالخطابين معاً، يعبرون من هذا الزمان إلى ذاك، من دون أن يردموا الهوة التي تفصل هذين الزمانين عن بعضهما البعض.
حدث الانشطار في الزمان هذا كنتيجة لما دعاه عزمي بشارة يوماً بـ«المسألة العربية»، أي عندما لم تتمكن «الأمة العربية» من أن تستقل في «دولة» مثلها مثل باقي الأمم، بل استقلت إلى «مجموعة دول». هذه الحال لم تخلق «استقلالاً تاماً» للأمة، ولم تنهِ «الاحتلال» بشكل تام، بل خلقت «استقلالاً جزئياً» و«احتلالاً جزئياً»، أي أنها حال بين وبين، حال انفصلت فيها الدولة عن الأمة، فأصبح هناك زمان خاص بالأمة… وزمان خاص بالدولة. Continue reading