كثيرا ما يأتيني هذا السؤال: أنا أحب الفلسفة، ما هو أفضل كتاب أبدأ فيه؟
هذا السؤال خاطئ. وهذه الطريقة للبداية في تعلم الفلسفة خاطئة. والسبب أن الفلسفة ليست علما، ليست مثل الرياضيات والفيزياء، بقدر ما هي أدب، أي شيء مقارب للشعر والرواية. هل هناك كتاب يمكن البدء به لقراءة “الشعر” ؟ لا يوجد شيء مثل هذا.
لأوضح أكثر: هناك من يفهم من “الفلسفة” بأنها معرفة أقوال الفلاسفة السابقين، أي معرفة ماذا قال أرسطو في الجمال، وماهو التاريخ بالنسبة لهيجل، وما هي الدولة بالنسبة لهوبز… هذا ليس معرفة بـ”الفلسفة”، بل معرفة بـ”تاريخ الفلسفة”، وهناك فرق كبير بين الاثنين.
إذا كان “تاريخ الفلسفة” مختلف عن “الفلسفة”، فما هي الفلسفة إذن؟ لا يوجد جواب واحد متفق عليه على هذا السؤال، لكن سأطرح الإجابة التي أتبناها. يمكن النظر للفلسفة باعتبارها رياضة. عندما نمارس الرياضة نهدف إلى تقوية عضلاتنا، زيادة لياقتنا، جعل جسدنا مستعدا للقيام بمجهود قاسي لفترة طويلة دون تعب، كما أنها تعني الحفاظ على جسد منتظم ومتناسق. الفلسفة بالنسبة للذهن هي كالرياضة بالنسبة للجسد. فالفلسفة هي رياضة تقوي قدراتنا التحليلية، وتنمي حاستنا النقدية، وتعطينا القدرة على طرح الأسئلة الصحيحة والتفتيش عن أجوبتها. ومثلما أن الرياضة تجعل الجسد جميلا، فكذلك الفلسفة تساعد- وليس دائما- على جعل الذهن أكثر ترتيبا وأكثر عمقا في فهم الأشياء. Continue reading