إذا كنت ترفض مطلب إلغاء الولاية لإنك تعتبر هذا المطلب فيه إسقاط لجزء من الدين، أو لأنك تعتبر الولاية أمر شرعي فالمطالبة باسقاطه مصادم للشرع، أو لأنك – لهذا السبب أو ذاك- تعتبر مطلب الولاية يتعارض مع الإسلام، فهذه التدوينة موجهة خصيصا لك، وفيها سأقدم الحجج التي تبيّن أن موقفك غير صحيح. حاولت هنا أن أحصي أغلب الاعتراضات التي تنطلق من أساس شرعي، وحاولت تبيين عدم صحتها بالدليل والبرهان. فإن كنت تعتبر أن حججي هنا ضعيفة أو أني أهملت اعتراضا مهما أو أني صورت احد الاعتراضات بطريقة ضعيفة، فأتمنى تصحيحي وسأكون مستعدا لمناقشة الاعتراض الجديد.
١- ركّز على المعنى وليس على اللفظ.
هناك قاعدة جميلة يرددها علماء أصول الفقه، وهي “لا مشاحة في الاصطلاح”. المقصود هنا أن نركز على معاني الكلمات وليس على الألفاظ ذاتها. فإذا كان المعنى الذي يقصده الشخص من اللفظ يختلف عن المعنى الذي يفهمه منه محاوره، فإن الحوار سيكون مشتتا ولن يفضي إلى نتيجة. وغالب النقاشات حول “الولاية” هي من هذا النوع. فمن يطالب بإلغاءها يعني شيء، ومن يرفض إلغاءها يعني شيئا آخرا. فيصبح كلا الطرفين يتناقشان في أمرين مختلفين بشكل مستمر. وحتى لا نقع في نفس هذا الخطأ هنا في هذه التدوينة، يجب أن نضع التعريفات بشكل واضح وأن نتحرر من الخلافات اللفظية التي لا تفيد وتشوش الحوار.
٢- المقصود بـ(الولاية) مجموعة من القوانين السعودية، وليس المقصود الشريعة أو الأحكام الشرعية المتعلقة بالولاية
الحديث عن الولاية في الحملة هو حديث عن مجموعة من القوانين السعودية وليس الحديث عن أحكام شرعية. مثال على هذه القوانين هو التالي: عندما تقوم امرأة بجريمة ويتم الحكم عليها بفترة محددة في السجن، فهي لا يسمح لها بالخروج من السجن إلا إذا جاء ولي أمرها ليستلمها حتى لو انتهت محكوميتها. يعني تخيّل امرأة عمرها ٣٠ سنة، قامت بجريمة، وحكم عليها بـ١٠ سنوات، ثم انتهت محكوميتها وعمرها ٤٠ سنة. وعندما تريد الخروج من السجن، لا تسمح لها إدارة السجن بالخروج وذلك لأن ولي أمرها يرفض استلامها من السجن. فهل هذا القانون الذي يجعل مصير هذه السجينة وخروجها من السجن معلقا بيد “ولي أمرها” شرعيا؟ إن المطالبة باسقاط هذا القانون ليس مطالبة لإسقاط الإسلام أو حكم شرعي، بل إن العدل الذي أمر به الشرع يقضي بأنه لا يجوز معاقبة الشخص بأكثر من العقوبة التي قررها له القاضي. Continue reading