يقول الله: “إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل”. والقرآن واضح تماما في موقفه من طبقة رجال الدين، فهو يفضح كيف تستغل احتكارها للمعرفة بتحريف الآيات خدمة لمصالحها. وسمى طاعتهم العمياء من قبل العامة تأليها لهم. وفي الآية المقتبسة يوضح القرآن اقتران الفساد المالي بهذه الطبقة. وارتباط هذا الفساد بهذه الطبقة يكاد يكون ارتباط تاريخي. فالمؤسسة الكنسية الكاثوليكية – على سبيل المثال- أثرت أيما إثراء عبر فرض الضرائب المتعددة التي كانت تذهب أموالها لتتخم “بطون الرجال الدين، بل إن منها ما كان يذهب إلى جيوب الحظايا اللاتي كانت تزدحم بهن حجرات بيوت البابوات”، كما يذكر ول ديورانت. ورغم أن الإسلام حارب بشدة طبقة رجال الدين، إلا أن مثل هذه الطبقة قد تشكلت في تاريخ الممالك الاسلامية، ويصف احميدة النيفر حال علماء المغرب “بأنهم قد تجاوزوا مرتبة المرجع والمستشار القانوني (ليصبحوا –كما يذكر المراكشي- مآلا لأمور المسلمين كبيرها وصغيرها… وانصرف وجوه الناس إليهم وكثرت أموالهم واتسعت مكاسبهم)”.تتشكل طبقة رجال الدين عندما يتم احتكار المعرفة الدينية، ووضع شروط صعبة ومتعسرة للتمكن منها. ومن خلال احتكار المعرفة، تبدأ هالة من القداسة تحيط بهذه الطبقة، تكسب من خلالها ثقة الناس، وعبر هذه الثقة تبدأ التكسب من هذا الدين، وتستسهل مد يدها لأموال الأتباع المساكين. الذين لا يجرأون على السؤال أو التشكيك في نزاهة علمائهم وأئمتهم، بل يستميتون في الدفاع عنهم حتى ولو كان فسادهم واضحا وضوح الشمس. وبسبب هذه الأدوار السلبية لطبقة رجال الدين، جاء الإسلام محاربا لها وفاضحا إياها في العديد من المواضع. ولكن، وعلى الرغم من كل هذا، فقد تشكلت في الإسلام طبقة رجال دين. صحيح أنها لم تستطع أن تدعي الوساطة بين الناس وإلههم، لكنها اكتفت باحتلال المساحة التي بين الناس وكتابهم، فاحتكروا الفهم، وبالتالي احتكروا الدين.
إن تفكيك سلطة هذه الطبقة واجب ديني ووطني. وهذا ما قام به مثقفي القطيف عندما قدموا بيانا لوكلاء المرجعيات الشيعية في منطقتهم يطالبونهم فيه بالشفافية في صرف الأخماس أولا، وبمحليّة تدويرها ثانيا. وكردة فعل على هذا البيان، أصر أحد وكلاء المرجعيات على أن التصرف بهذه الأخماس من صلاحيات المرجعية نفسه، وأنه وحده من يختار أوجه صرفها التي من خلالها يقوم بخدمة مصالح الشيعة.
يستدل المذهب الجعفري على دفع الخمس من القرآن. وبغض النظر عن صحة هذا الاستدلال من عدمه، فإن القرآن لم يحدد آلية محددة لتصريف هذا الخمس، بل كل ما نجده هو تحديد القيمة –أى الخمس نفسه- وأوجه صرفها، ولا يوجد أي ذكر يحدد آلية بعينها لصرف هذه الأخماس: فلم الإصرار على التمسك بالآلية القديمة التي لم تعد عملية في العصر الحديث؟
نشأت هذه الآلية كما يوضح جواد علي في كتابه “المهدي وسفراؤه الأربعة” أثناء الغيبة الصغرى للإمام الأخير. ففي تلك الفترة تم تعيين عثمان بن سعيد العمري سفيرا للإمام أي “النائب العام للإمام على جميع الشيعة، وعلى هذا فهو الوكيل. وتحت إمرته وكلاء أيضا هم المدبرون المحليون لأمور الطائفة. فهؤلاء يتولون شؤون طوائفهم، فيجمعون المال، ولكنهم يتلقون الأوامر من السفير”. بعد الغيبة الصغرى وبعد انتهاء السفارة وبداية الغيبة الكبرى، يقول جواد علي: “بعد انتهاء وساطة السفراء، حين لم يعد هناك إمام يرى ولا نائب فوق الأرض، تولى العلماء قيادة الطائفة الشيعية”. فآلية جمع الأموال الحالية تعود بجذورها للمسار التاريخي الخاص بالمذهب الشيعي، وبالتالي تجد مبرراتها في الظروف التي كانت قائمة في ذلك الوقت: كالحاجة للسرية، والاضطهاد، والأهم، والذي لم يعد له وجود اليوم: الامبراطوريات.
فمنذ انتهاء الحرب العالمية الأولى تفككت آخر الامبراطوريات القائمة: العثمانية، وامبراطورية آل هابسبورغ، والامبراطورية الصفوية… وكان مصير هذه الامبراطوريات إما الاستعمار أو تحول بعض أجزائها إلى نموذج الدولة القومية الذي تم تصديره من أوروبا الغربية للعالم كله. هذا النموذج الذي سيتحول للنموذج الوحيد للدولة في العالم بعد استقلال الدول المُستعمَرة. والسؤال: هل من مصلحة الشيعة الاستمرار بآلية تدوير الخمس التقليدية، خصوصا بعد تحول العالم من عصر امبراطوريات السلالات العسكرية إلى عصر الدول القومية؟
إن الاصرار على استمرارها فيه عدم اعتراف ضمني بالرباط الوطني، أو على الأقل عدم النظر إليه كأولوية. وفيه تأجيل مستمر لحل المشاكل المحلية، التي لن يوليها المرجعيات الخارجية نفس الاهتمام لأنهم– ببساطة- لا يعيشونها فيحسون بمعاناتها. ومن ثم، فجباية الأخماس وإعادة تدويرها شأن مالي، فهل من الصعب تكوين لجنة ذات كفاءات اقتصادية، بحيث تفيد من هذه الثروة لأبناء الوطن: فتفيد الوطن وتفيد الأقربين؟ لجنة تتميز بكفاءة عالية وشفافية فائقة، وتتكون من أفراد لا ينتمون للطبقة الدينية بالضرورة!
قد يقال: وما شأنك أنت المتحدر من أصول سنية نجدية في مثل هذا الشأن الشيعي؟ والجواب: أمران اثنان: الأول أني أنظر إليه كشأن قطيفي وليس شأنا شيعيا، وبالتالي شأن يتعلق بجزء من وطن أمثله. فإذن، أتحمل مسؤولية التعاضد مع الأخوة المثقفين هناك. الثاني، أن تفكيك طبقة رجال الدين والتصدي لها، مطلب وطني وديني من أجل مستقبل واعد!
(وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ). … السلام عليكم ورحمة الله … استاذي / سلطان ذكرت ان المذهب الجعفري يستدل على الخمس من القران وبغض النظر عن صحته او عدمه …. كنت اتمنى ان يكون طرحك اكثر توسعا حيث ان الخمس موجود حتى عند السنه وانا اعرف اناس مطلعين في الدين مثل المستشار المحامي / عدنان الصالح وهو شخصيه معروفه وسنيه ويأكد لي ان الخمس صحيح … وليس هذا موضوعي كنت اتمنى ان يكون طرحك بألية صرف الخمس فأنا كشيعي اريد ان اعرف اين تذهب تلك الاموال اذا كانت تذهب لمن يستحقها الحمدلله لكن المصيبه انك لا تعرف عنها شي ويوجد مشائخ اصبحوا اغنياء من وراء الخمس وهذه خقيقه لا يمكن انكارها … اذا ما هو الحل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ولا تستطيع الدوله ضم تلك الاموال اليها لكن تستطيع ان تضع اليه تحت رقابه الدوله على سبيل المثال تنشأ مؤسسه للشيعة يديرها الشيعه ولكن تراقب من موظفين بالدوله ك هيئة الرقابه …. عشان اذا عطيتهم الخمس اعرف انه بيروح للمستحقين وانا مطمن