في مقالة بعنوان (تصوير خاطئ للخصوصية السعودية)، كتب علي العميم قائلا: (…أن السعودية في حاضرها وماضيها القريب، على مستوياتها الآيديولوجية، لم يوجد فيها -بتاتا- تيار يميني فاشي). لم تمض على هذه المقولة ثمان سنوات إلا وها نحن ذا نشهد تخلق وولادة هذا التيار اليميني المحافظ -والذي لم يصل بعد لقمته الفاشية- بيننا. وبشكل عام، يظهر هذا التيار على السطح بعد حدوث حدث تاريخي كبير كالثورات والأزمات الاقتصادية والهزائم العسكرية. فالمحافظة الانجليزية تشكلت كردة فعل على الثورة الفرنسية وخصوصا في كتاب إدموند بيرك (انعكاسات الثورة الفرنسية)، والحزب النازي تشكل عقب هزيمة الحرب العالمية الأولى والأزمة الاقتصادية التي لحقت بها والتي أصابت جمهورية فايمر بالعجز. وفي أمريكا، ازدهرت المكارثية في الخمسينيات والستينيات الميلادية بعد التهديد الذي مثلته الشيوعية. وها نحن ذا نشاهد صعود (حزب الشاي) اليميني الراديكالي في أمريكا- الذي حجز له مكان واضحا في انتخابات الكونجرس الأخيرة- كردة فعل على الأزمة الاقتصادية. ومع الثورات العربية الأخيرة، نستطيع تلمس ومشاهدة تيار يميني محافظ يتشكل أمام أعيننا يتكون من مجموعة من مثقفي التكنوقراط ولبراليين سابقين ومجموعة من الشباب في الشبكات الاجتماعية والمنتديات على الانترنت، هذا التيار الذي يشق طريقه بين التيارات السعودية كتيار رابع إلى جانب الإسلاميين واللبراليين والتنويريين Continue reading
غير مصنف
قراءة في “المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين”
منذ انهيار جدار برلين، وسقوط الاتحاد السوفييتي، وتحول الولايات المتحدة الأمريكية لقوة عظمى وحيدة على هذا الكوكب… تشكلت أيديولوجيا تحاول بناء “نظام عالمي جديد”، هي أيديولوجيا المحافظون الجدد التي تنطلق من تراث تدعوه “مسيحي-يهودي”، وتدعو لحرية التبادل الاقتصادي، والدفاع عن الحضارة ضد عدوها الأهم “الإرهاب”، الذي – ومنذ 11\9- لن يعني شيئا سوى الإسلام.
هذه الرؤية التي يحاول جورج قرم في كتابه “المسألة الدينية في القرن الواحد والعشرين” فهم كيفية انبعاثها المفاجئ: كيف تلاشت الديكورات القديمة (العلمانية) التي حكمت رؤيتنا للعالم، لتحل محلها كل هذه الديكورات (الدينية)؟
تبدأ القصة عنده من النقد المكثف الذي تم توجيهه للحداثة وتراث فلسفة الأنوار والثورة الفرنسية، والذي من خلاله سيتم إرجاع كافة مظاهر العنف التي شهدتها أوروبا، ابتداء من سنوات الإرهاب التي أعقبت الثورة الفرنسية، مرورا بنشوء أنظمة شمولية قمعية، وانتهاء بحربين عالميتين، وما تخلل الأخيرة من كم هائل من العنف تجسد بشكل خاص بالـ”هولوكوست” التي أقامته النازية بحق اليهود. في أعمال كـ “التفكير بالثورة الفرنسية” (1978م) لفرانسوا فوريه، الذي سيرجع كافة الفضائع والعنف الذي شهدها العالم الحديث للفكر الثوري الذي أبدعته الثورة الفرنسية، فعمل هذه الثورة بالنسبة إليه “يستنفد عالم القيم، إذاً معنى الوجود”. مثل هذا النمط يرصده قرم عند مفكر آخر هو باتريك غنيفي الذي يعتبر أن “المنطق الداخلي للثورة هو الذي يدعو إلى دينامية الإرهاب…”. يتابع قرم رصده لهذا الرفض للثورة والأنوار عند مفكرين آخرين كفريدريك روفيوا وألان بزانسون. Continue reading
في موسم الجدل عن الدكتور عزمي بشارة في السعودية.
* بالذات في هذا الموضوع أرجو أن أكون موضوعياً منصفاً قدر الإمكان, سأحاول ألا أتنبى أحداً, سأحاول توصيف استثنائية مشهدنا المحلي في هكذا جدل.
* لن يكون هنا examples of evaluation essays أي حديث عن ( هل أخطأ الدكتور عزمي أم أصاب ؟!
), فقد أوسعت هذه الجُزئية نقاشاً و جدلاً.
* الملاحظ أن أي حادثة جديدة ( أفكاراً كانت أم أشخاصاً ) تأتي إلى المشهد الثقافي المحلي تؤذن عادةً باستعار الحرب الباردة بين المحافظين و الإصلاحيين.
* و لأن الطرفين قد خرجوا من رحم واحدة, حيث كانوا رفاق الأمس حتى قرر الإصلاحيون ممارسة نقد للطرح المحافظ و جدارته في أن يتم تبنيه و جدواه في تحقيق مصالح الأمة و المجتمع , فإن الجدل هنا من السهل استثارته بل قد يتحول من الموضوعي إلى الحزبي أو الشخصي.
* هذا الجدل حول الدكتور عزمي طبيعي جداً و متوقع جداً و إيجابي جداً ! Continue reading
بعد ٢٤ ساعة من تجربة التدوين المرئي: تقرير في ابتذال الشهرة*
الساعة: ١٤:٠٠
استيقظ من النوم لأجد ستين رد في تويتر على تعليقي على الاحتفاء (في تويتر هاشتاق Yalahmad#) بفيديو يوسف الأحمد عن المعتقلين. قرأتها، بعض الردود تتحداني أن أقوم بمثل ما قام به، وبعضها لم تفهم النقطة التي أردت توضيحها فقررت أن أقوم بتدوينة مرئية.
الساعة: ١٦:٠٠ تقريبا
انتهيت منها، ونشرتها، ماذا حدث؟
١- ٣٠٠ تابع جديد في تويتر، و٦٠ إضافة صداقة في الفيسبوك.
٢- المنتديات اللبرالية اعتبرتني بطلا، ولبراليا عظيما، بعضهم قال إنه يعرفني، وآخر قال أنه رآني مرة، وثالث تنبأ لي بأن أكون “وائل غنيم” السعودية، والكثيرين منهم اعتبرو ظهوري هو “نهاية الأحزان”، و”إنتهاء المطاوعة”. لدرجة أن الردود التي تحاول انتقاد ما كتبته يتم حذفها، ولعل ذلك لعدم تثبيط همتي وحفاظهم علي كأحد مكتسبات الحركة اللبرالية الكبرى.
٣- المنتديات السلفية، لسان حالها لسان القذافي عندما قال: “من أنتم؟”. فهناك أنا “رويبضة”، “مبسبس”، ورع من وراعين التحلية، جنس ثالث، تافه، عامي.. إلخ. فبغض النظر عن كل ما قلت: كيف يتجرأ هذا أن ينتقد الشيخ؟ لاحظوا “ينتقد” ليس “يسب” أو يشتم”. ولأن كلامي كان خاليا من الشتم والسب، قالوا أن “الحقد كان باديا من عينيه” وآخر رأى الحقد في “حركات يدي” ثالث وجده في تلعثمي..
٤- الفتيات أجمعن وباركن التجربة 😀 أحد الأصدقاء أشار إلى أن حكمهم لم يكن موضوعيا.
٥- رسائل كثيرة في الفيسبوك وتويتر واليوتيوب: شخص يقول “قلت كل ما أردت قوله”، آخر “والله إنه على طرف لساني”، وأغلبهم يبارك الكلام لكنهم دوما “لدينا بعض التحفظات”.. الأخير في رسالة في اليوتيوب أخبرني أنه مخرج ولديه استوديو كامل، وأنه بحاجة إلى شخص يقف أمام الكاميرا من أجل تدوينة تعالج قضايا المجتمع.
٦- المعلقين في تويتر توزعوا ما بيت مبارك وناقم: المبارك يجد كلامي كله حقا، والناقم لا يجدني قلت شيئا.
٧- أما أصحابنا “الإصلاحيين” و “الحقوقيين” فتراوحوا ما بين التجاهل أو تبرير احتفائهم بأنه “تشجيع له”، وكأن الأحمد لا ينتظر في الدنيا هذه سوى أن يرضى عليه الاصلاحيين ويشجعوه.
الساعة ١٤:٠٠ من اليوم التالي
استيقظت لأجد في تويتر ضعف العدد السابق، ينقدون علي فعلتي، ومنهم من يطالبني أن أقول “أكثر” مما قاله الأحمد…
ما أتفه الشهرة
* العنوان تحريف لـ Eichmann in Jerusalem A Report on the Banality of Evil
حوار افتراضي بين مقاطع للانتخابات البلدية ومشارك
هذا الحوار الافتراضي هو حصيلة نقاشي مع عدد كبير من المقاطعين، أرجو أن يكون ممتعا 🙂
المشارك: مرحبا عزيزي المقاطع…
المقاطع: مرحبتين..
– لماذا أنت مقاطع للإنتخابات؟ Continue reading
أسئلة وأجوبة حول المشاركة في الانتخابات البلدية
س/ ما هي “الحملة الشبابية الوطنية لإصلاح المجالس البلدية عن طريق الانتخابات”؟
ج/ هي حملة بادر بها مجموعة من الشباب من مناطق المملكة المختلفة تهدف إلى المشاركة في الانتخابات والفوز فيها، والتنسيق بين الفائزين في كافة المناطق من أجل الضغط على وزارة الشؤون البلدية والقروية من أجل تعديل صلاحيات المجالس البلدية بحيث تكون أكثر فعالية وانتاجية.
هذا هو رابط الحملة على الفيسبوك: http://goo.gl/EaY76
حملة شباب جدة: http://www.intekhab.at
حملة شباب الرياض: http://goo.gl/X9BEL
حملة شباب بريدة: http://goo.gl/C6NHz
حول “مقاطعة” الانتخابات البلدية: دعوة للمشاركة
“عشرة رجال يعملون سوية
يمكن أن يجعلوا مئات الآلاف من المتفرقين يرتعشون خوفا”
ميرابو- أحد رجال الثورة الفرنسية
ومن دعاة الملكية الدستورية حينها
عن جدوى المقاطعة؟
بدأ يوم السبت الماضي- ٢٣ أبريل-
تسجيل الناخبين السعوديين الراغبين في التصويت في الانتخابات البلدية
الثانية في السعودية بعد انقطاع أي مظهر من مظاهر الانتخابات في
السعودية منذ تأسيس مجلس الوزراء مطلع الخمسينات الميلادية من القرن
الماضي. ومنذ أن أعلن عن انعقاد هذه الانتخابات وإذا بدعوات لقاطعتها
تنتشر كالنار على الهشيم في الإنترنت، فهناك صفحات في الفيسبوك
للمقاطعة: الحملة الشعبية لمقاطعة الانتخابات
البلدية و الحملة
الوطنية لمقاطعة الانتخابات البلدية و أنا
سعودي مقاطع للإنتخابات البلدي بالإضافة إلى دعوات للمقاطعة
على الهاشتاق intekhab# على تويتر، بالاضافة لعدد من التدوينات التي
تبرر وتنظر لهذه المقاطعة مثل مقالة إيمان القويفلي في مدونة أشرف
فقيه ماذا سيحدث
في ٢٣ أبريل؟ ومقالة عبدالرحمن الكنهل مسرحية الانتخابات
البلدية ومقالتي تركي العبدالحي في مدونة حلم سعودي تحت
عنوان: لماذا أقاطع حفلة المكياج المسماة الانتخابات البلدية؟ (الأولى
و الثانية)،
وكذلك مقالة محمود صباغ في مدونته: انحيازا
للمستقبل… سأمتنع عن التصويت بالإنتخابات البلدية ليصل
الأمر إلى الصحافة الورقية حيث كتب محمد الرطيان مقالة بعنوان
أوقفوا
العرض! ويمكن تلخيص مبررات المقاطعة في هذه
الأسباب:
حقوق الإنسان للمبتدئين: الحق في التعبير عن الرأي والوصول للمعلومة
“لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية.”
– المادة (١٩) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
يتصور البعض أننا عندما نتحدث عن “حقوق الإنسان” أننا نتحدث عن مسألة ترفية لا تمس مباشرة واقع الإنسان، هذا الواقع الذي لا أعلم كيف، لكنه فجأة يتقلص إلى مسألة مالية أو غذائية أو أمنية. البعض الآخر، ينظر للمسألة باعتبار أننا- أولئك الذين يدعون لمثل هذه الحقوق- متأثرين بالغرب، وأننا نروج لأفكار تتعارض في جوانب منها مع الشريعة والدين…إلخ هذا الكلام. في الحقيقة، أن كل هذا الكلام لا معنى له. وسأحاول قدر الإمكان توضيح أن “السعودي” هو من أكثر الناس قدرة على تخيل وفهم معنى هذه الحقوق ومدى استحقاق كل إنسان لها، وذلك- ببساطة- لأنه حديث عهد بدولة حديثة. فالمطالبة بحقوق الإنسان مرتبطة ارتباطا جذريا بظهور الدولة الحديثة وطبيعتها السيادية. والمدخل الذي سأستخدمه في توضيح هذا الأمر، لن يكون أكثر من قصة الإنسان السعودي، الذي انتقل من “القرية” إلى “الدولة”، ولن تكون حقوق الإنسان، إلا تلك التي كان يتمتع بها في “قريته” ليجد نفسه مسلوبا منها في دولته، وسنبدأ بالحق في التعبير عن الرأي.
أنا سعودي، لكن جدي ليس كذلك. ولعل ارتفاع معدلات البطالة في نفس الوقت التي تتزايد فيه أعداد العمالة الأجنبية في البلاد سيجعل القارئ -الذي بدأ يعاني من رهاب الأجانب الذين تحولو إلى كبش فداء يحملهم كل مشاكله الحياتية- يفهم أن معنى الجملة السابقة أني “مجنس”، وهذا ليس صحيحا. فجدي كان “بريداويا”، ولكنه لم يكن سعوديا لأن الدولة لم تقم بعد، واعتقد أن نسبة كبيرة من السعوديين لم يكن أجدادهم سعوديين، أو على الأقل عاشوا الفترة الكبرى من حياتهم وهم ليسوا سعوديين. وكل ما سأفعله هنا هو مقارنة بين الحقوق التي كان يتمتع بها جدي “البريداوي” وأنا “السعودي”. أنا وهو عشنا في نفس المكان، كلنا عشنا في بريدة، لكن هو عاش في بريدة التي لم تكن جزءا من دولة حديثة، وأنا عشت فيها بعد أن أصبحت جزءا من هذه الدولة. Continue reading
خمسة أفلام حول ألمانيا: لفهم الظواهر السياسية الحديثة
لماذا ألمانيا؟
أعتقد أن التاريخ السياسي لألمانيا في القرن العشرين هو محور تاريخ هذا القرن. فلولا النازية لم تكن الصهيونية، ولولا الهولوكوست لم تقم اسرائيل، ولولا الحرب العالمية الثانية لم ينشأ النظام العالمي الثنائي القطب، ولولا انهيار جدار برلين لم ينشأ النظام العالمي الأحادي القطب. تجربة الدولة في ألمانيا تشكلت بكافة الأشكال: جمهورية فايمر الديمقراطية التي آلت إلى دكتاتورية نازية قدمت النموذج الأساسي للدول الشمولية، ثم إنشطار الدولة إلى ألمانية شرقية شيوعية وغربية ديمقراطية تميل إلى اليمينية: في الأولى ينتحر الفنانين والمبدعين والكتاب لانسداد الحرية، وفي الثانية يتحول الأحرار إلى إرهابيين بسبب زيف الحرية. تاريخ ألمانيا: مدرسة سياسية. وهذا خط تاريخي لأهم الأحداث في التاريخ الألماني: Continue reading