حقل دراسات الأنظمة السلطوية قديم قدم السياسة نفسها، ومثل أي حقل إنساني آخر فإن بعض الاتجاهات تسود فيه فترات معينة من التاريخ لتخلفها اتجاهات أخرى، فبعد أن كانت دراسة الأنظمة السلطوية تتركز على دراسات دساتير البلدان ومؤسساتها الخارجية، إنتقلت الدراسة إلى محاولة كشف دور النخب والمجموعات الفاعلة بعيداً من جمود وحتمية المؤسسات، ثم تلا ذلك عصر يؤكد على دور مؤسسات المجتمع المدني وحركات المعارض لتفسير التغيرات في هذا المجال أو ذاك.
قبل أشهر عدة، نشر «ميلان سفوليك» كتابه تحت عنوان «سياسات الحكم السلطوي»، الذي أراد من خلاله تقديم تصور نظري شامل لفهم هذا النوع من الحكم بطريقة تسمح للباحث بتفسير الأحداث والتحولات التي تطرأ عليه.
يمكن اعتبار هذا الكتاب يمثل قطيعة مع الاتجاهات السائدة في الوقت الحالي في هذا المجال الدراسي، إذ تتركز الحجة الرئيسة للكاتب في أن هذه الأنظمة يتخللها نوعان من الصراع: صراع بين النخبة الحاكمة والمحكومين، وصراع آخر داخل النخبة الحاكمة أنفسهم. Continue reading
السعودية واليمن … من اتفاق «الطائف» إلى «السياج»
اللغة هي مستودع التاريخ، وفي نجد مثل معروف يقول: «الشام شامك لو الدهر ضامك، والهند هندك لو قلّ ما عندك»، هذا المثل يشير إلى حقيقة تاريخية صبغت تاريخ الجزيرة العربية بشكل عام، وتاريخ نجد بشكل خاص، منذ مئات القرون؛ حقيقة تاريخية لا تجد بدايتها من «إيلاف قريش»، ولا تنتهي مع «قوافل العقيلات».
هذه الحقيقة هي أن الجزيرة العربية، ونجد على وجه الخصوص، كانت على الدوام بيئة مصدرة للعمالة لدول الجوار، ففي كتاب «عنيزة: التنمية والتغيير في مدينة نجدية عربية»، يصف كل من «ثريا التركي» و«دونالد كول» كيف أن اليد العاملة في القصيم انضم بعضها – بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية فيها – في نهاية القرن الـ19 للجيش العثماني، وجيش الشريف حسين في ثورته ضد الإمبراطورية العثمانية أوائل القرن الـ20، وكيف أسهم البعض منهم في حفر قناة السويس في مصر. Continue reading
هل يمكن أن يوجد فرد لا منتم؟
يوم الأربعاء الماضي «١٠ نيسان (أبريل) 2013»، كتب تركي التركي في مجلة «المجلة» مقالة بعنوان «الديموقراطية ليست هي (الحل)!». وبغض النظر عن مضمون المقولة إلا أن ما لفت انتباهي فيها هو رفضه لمقولات التيارات الفكرية والحركات السياسية، انطلاقاً من كونه «فرداً لا منتمٍ»، وسأحاول في هذه المقالة أن أفهم ماذا يعني أن يكون الشخص «فرداً لا منتمياً»؟
ولكن قبل أن أبدأ، سأضع السياق الذي وردت فيه عبارة تركي التركي، إذ يقول الآتي: «لذلك أنا كفرد… لا منتمٍ، ولا يطمع في الانتماء لأي جماعة تتطلع إلى سلطة، ولم يفوّض أي جماعة للحديث باسمه، من حقي ألا أبحث بداية عن «حل» سياسي بقدر ما أبحث عن تعايش اجتماعي، لا تفرضه نظريات سياسية، تموت وتحيا بحسب المصلحة، بل توجبه «تربية» اجتماعية حرة ومسؤولة، أساسها القبول بقيم «الفردانية والتعدد والتنوع».
من ناحية مبدئية هناك فرق بين «الظهور» و«الاختفاء»، أن أظهر يعني أن أتجاوز حيزي الخاص وأجعل من نفسي مسموعاً ومرئياً من الآخرين الذين أتشارك معهم ميداناً عاماً يكفل لنا القدرة على «الظهور». Continue reading
وزارة العمل بين كارل ماركس وادم سميث
إن ما يربط البشر بعضهم ببعض هي العلاقات، وهذه العلاقات على نوعين: علاقات حميمية كالتي تنشأ بين الأحبة والأصدقاء، وأخرى تعاقدية كالتي تنشأ داخل مكان العمل بين أرباب العمل والعمال. والفرقان الجوهريان بين هذين النوعين من العلاقات هو أن الأولى تحدث «خارج القانون» ولا تفترض «الرضا» و«الاختيار» بالضرورة، فأحدنا لا يختار أمه مثلاً، في حين أن العلاقات التعاقدية، لأنها محكومة بعقود، فهي تحدث ضمن إطار قانوني محدد وتشترط رضا الطرفين بالعقد.
من هنا فإن العلاقة بين رب العمل والعامل هي في الأصل علاقة تعاقدية، يُفترض أن تكون برضا واختيار الطرفين ضمن إطار قانوني محدد. ومجرد اختلال قوة أحد الطرفين التفاوضية في التأثير على صيغة العقد يعني تحولها إلى علاقة استغلال.
سوق العمل في السعودية ليست سوقاً واحدة، بل هي سوقان: سوق العمل في القطاع العام، وسوق العمل في القطاع الخاص، ومنذ منتصف الستينات الميلادية كان العمل في القطاع العام أكثر جاذبية للعامل السعودي، وذلك نظراً لارتفاع الرواتب وقلة ساعات العمل والأمان الوظيفي، ونظراً لتوجه العمالة الوطنية للقطاع العام، وكذلك نظراً لقلتهم، فقد قام القطاع الخاص – وبمساعدة من الدولة لأجل القيام بأعباء التنمية – بتعبئة هذا الفراغ عبر استقدام العمالة الأجنبية، فنشأ بذلك سوقان: سوق العمل في القطاع العام بغالبيته الوطنية، Continue reading
العرب… بين زمانين
العرب يعيشون بين زمانين، لكل زمان منهما مسلماته وخطاباته و«عقله»، بل حتى واقعه، الخاص به، ولعل المثال الصارخ الذي يوضح هذا الأمر هو الانشطار في الفصائل الفلسطينية بين مشروعين: مشروع «بناء الدولة» من جهة، ومشروع «مقاومة الاحتلال» من جهة أخرى، مشروع بناء الدولة وعلاقة المواطن العربي بدولته ينتمي لزمان خاص به، ومشروع مقاومة الاحتلال واستعادة سيادة الأمة ينتمي لزمان خاص به هو أيضاً، والعرب يعيشون في هذين الزمانين في الوقت نفسه، يتكلمون بالخطابين معاً، يعبرون من هذا الزمان إلى ذاك، من دون أن يردموا الهوة التي تفصل هذين الزمانين عن بعضهما البعض.
حدث الانشطار في الزمان هذا كنتيجة لما دعاه عزمي بشارة يوماً بـ«المسألة العربية»، أي عندما لم تتمكن «الأمة العربية» من أن تستقل في «دولة» مثلها مثل باقي الأمم، بل استقلت إلى «مجموعة دول». هذه الحال لم تخلق «استقلالاً تاماً» للأمة، ولم تنهِ «الاحتلال» بشكل تام، بل خلقت «استقلالاً جزئياً» و«احتلالاً جزئياً»، أي أنها حال بين وبين، حال انفصلت فيها الدولة عن الأمة، فأصبح هناك زمان خاص بالأمة… وزمان خاص بالدولة. Continue reading
هل «العمل» سلعة مثل باقي السلع الاقتصادية؟
في ظل الجهود المتنوعة التي تقوم بها وزارة العمل من أجل التعاطي مع مشكلة البطالة، يبدو أن جانباً رئيساً من هذه القضية تم تجاهله، أو على الأقل لم يتم التعاطي معه بمستوى عالٍ من الأهمية، وهو علاقات القوة داخل بيئة العمل نفسه، فالطريقة التي تدير الوزارة بها الأمور تتم وكأن دورها ينتهي فور إيصال المواطن إلى باب منشأة ما، وتمكينه من إحدى الوظائف فيها، من دون التأمل عما يحدث خلف أسوار المنشأة وتراتبية علاقات القوة فيها.
ومرد هذا التجاهل في اعتقادي هو التصور المضمن في الاتجاه العام في عالم الاقتصاد على تصوير العمل بأنه سلعة متشابهة مع غيره من السلع، الأمر الذي يجعل «توزيعه» وكأنه عملية توزيع طلبات «البيتزا»، التي ينتهي دور من يوصلها عند عتبة منزل طالبيها… إلا أن العمل يختلف عن غيره من المنتجات في ثلاثة جوانب رئيسة، لخصها «روبرت براش» في مقالته المعنونة «كيف يكون العمل مختلفاً عن القرنبيط؟».
فمن الجهة الأولى: العمل – سواء من الناحية القانونية أو الاقتصادية أو الاخلاقية أو حتى الفيزيائية البحتة – هو «سلعة» لا يمكن فصلها عمن يقوم بالتزويد بها، ففي كل مرة يتم تبادل هذه السلعة فإن الإنسان الذي يقوم بتزويدها لابد أن يكون حاضراً… والعمل بهذا المعنى يصبح مختلفاً بشكل جوهري عن – على سبيل المثال – التفاح الذي يمكن شراؤه وبيعه وتداوله بشكل منفصل عن المُزارع الذي قام بزرعه، والشركة التي تقوم بتوزيعه، ومحل الخضار الذي يبيعه على المستخدم الأخير، وهذا الأخير – بعد شرائه للتفاح – يملك حق التصرف الكامل به: يضعه كزينة، يحوله عصيراً، يهديه، يتركه في الشمس، يأكله… إلخ، فهو حر تماماً في ما يفعل به بعد أن يتملكه… إلا أن هذا الأمر لو طبق على سلعة العمل، فإنه بشكل تلقائي سيحول العامل إلى عبد، لأن العمل لا يمكن فصله عن العامل… وبسبب عدم انفصال العمل عن العامل، نجد هذه القوانين الكثيرة التي تنظم العمل وبيئة العمل وحقوق العامل، ذلك أن السلعة التي يقدمها لا يمكن أن توجد من دونه.
الجانب الرئيس الذي يختلف فيه العمل – باعتباره سلعة – عن غيره من السلع هو أنه لا يمكن تخزينه… تقوم النظرية الاقتصادية الكلاسيكية على مسلمة أن البائع والمشتري أحرار في تعاقداتهم… إن بائع السيارات – على سبيل المثال – إذا لم تعجبه الأسعار التي يعرضها المشترون، فإن بإمكانه أن يمتنع عن البيع، وأن يقوم باستخدام السيارة لنفسه، أو ركنها جانباً – أي تخزينها – حتى يستطيع بيعها بالسعر الذي يراه مناسباً… هذه الخاصية – القابلية للتخزين – تُعطي البائع قدرة تفاوضية كبيرة مع المشتري، وبالتالي يصبح بإمكانه أن يبيع سلعته بسعر قريب جداً من السعر الذي يريده… في حال العامل، الوضع مختلف، فالعامل لا يستطيع تخزين عمله – إذ إن كل يوم يمر يتحول تلقائياً إلى جزء من الماضي الذي لا يمكن استرداده – وبالتالي تضعف قوته التفاوضية.
ما يدفع بائع السيارات إلى «تخزين» سلعته، والصبر حتى تصل الأسعار للمستوى الذي يريده، هو أن لديه ما يسد به حاجته ولا يضطره إلى البيع… بالمقابل، فإن ما يدفع العامل بشكل العام إلى بيع عمله هو شعوره بالاضطرار والحاجة، الأمر الذي يزيد موضعه التفاوضي سوءاً، فهو إضافة إلى عدم قدرته على تخزين سلعته، فهو أيضاً لا يملك من الرفاه ما يجعله يصبر على عدم البيع، بل تدفعه حاجته واضطراره – أي حاجته لتأمين لقمة عيش ومسكن وملبس – إلى الرضا بأسعار متدنية جداً… إن هذا التفريق بين «الحاجيات» و«الكماليات» – كما يقول «براش» – لهو أمر جوهري لمعرفة آثار عدم قابلية سلعة العمل على التخزين على الإسهام في تحسين فرص رب العمل على التفاوض بشكل أفضل بكثير من العامل، بل إن إلحاح الحاجة قد يدفع العامل إلى التضحية بكامل قدراته التفاوضية لمصلحة تأمين أي عمل يسد له حاجاته الرئيسة.
أخيراً، تأتي خاصية أن العمل يتمتع بالوعي الذاتي كثالثة هذه الجوانب التي تميز العمل عن باقي السلع المحيطة… فكون الإنسان يحس ويعي ما حوله، هذا لن يجعله مثل الأحذية في عدم مبالاتها في استخدامات مالكيها لها وتعاملاتهم المتنوعة بها، لن يشتكي حذاء مثلاً لأن حذاءً آخر مماثلاً له بيع بسعر مختلف… فهذه السمات سمات بشرية بحتة، فوحدهم البشر هم الذين يتأملون وضعهم ويقارنون بين أنفسهم وبين غيرهم، ما يجعل خدش حس العدالة أو الجمال – كالتمييز بين من يقومون بالعمل نفسه بالعطاء، أو وضعهم في بيئة عمل غير مناسبة لذائقتهم – لديهم أمر مضر كضرر نقص المعاش على إنتاجية العامل نفسه… فالعمال ليسوا مجرد أداة سلبية بيد صاحب العمل يتحكم بها كيف يشاء، بل هم كائنات تفكر بالكيفية التي يتم التعامل معها بها ومكانتها وتقارن وتحكم وتتأثر وتتذكر.
هذه الجوانب الرئيسة تجعل العمل أمراً مختلفاً عن «البيتزا»، وبالتالي لا ينهي مسؤولية «توزيعه» عند إيصاله إلى أبواب منشآت العمل، بل ما هو مهم ورئيس، وأشد أولوية هو تمكين العمال وتقويتهم، بحيث تكون قدراتهم التفاوضية مع أرباب عملهم عالية بطريقة تمنع استغلالهم.
نقطتان حول الليبرالية العربية
ثمة نقد سائد لدى الأوساط المناوئة لليبراليين العرب، يقوم على عملية فصل بين «الليبرالية العربية»، و«الليبرالية الغربية»، معتبراً الأخيرة هي «الليبرالية الحقّة»، في حين أن الأولى ما هي إلا نسخة كاريكاتورية متصالحة مع أنظمة الاستبداد العربية.
في رأيي أن عملية الفصل هذه غير مبررة، وذلك لسببين متداخلين… الأول: أن المسكوت عنه، في مثل عملية الفصل هذه، هو أنه لا توجد أي مشكلة مع «الليبرالية الحقّة»، إنما كل المشكلة في عملية «تشويهها»، أما الثاني – وهو متداخل مع الأول – في أن هذا الفصل هو في نهاية الأمر «ليبرالي»، إذ إن نقده لليبرالية العربية، هو في كونها «ليست ليبرالية كفاية».
الآن، بعد نفينا لمثل هذا الفصل بين الليبرالية العربية، والليبرالية الغربية، هل هذا يعني أننا يجب أن نتعامل معهما باعتبار أنهما أيديولوجيا واحدة؟ جوابي هو: «نعم، ولا»… وسأوضح الجواب بشكل أكثر تفصيلاً على شكل نقطتين. Continue reading
بؤس الإنسانوية
”لو كنت قائداً عربياً، لما هادنت اسرائيل أبداً. هذا طبيعي: لقد احتللنا بلادهم. نعم نحن نرجع بأصولنا إلى إسرائيل، ولكن هذا كان قبل ألفي سنة، فماذا يعني هذا لهم؟. نعم لقد كانت هناك معاداة للسامية ، وكانت هناك نازية، وهتلر، ومعتقل آوشوتز، ولكن هل كان أي من هذا خطأهم؟ هم فقط يرون شيئاً واحداً: أننا أتينا هنا وسرقنا بلادهم، فما الذي يجعلهم يقبلون بذلك؟“
ديفيد بن غوريون- أحد الآباء المؤسسين لـ”دولة اسرائيل”
”الاحتلال مسألة واضحة جداً وما تقتضيه مُدرك بشكل دقيق لدى كل عاقل من العرب واليهود. فهناك هدف واحد فقط للاحتلال، وهذا الهدف هو قطعاً مرفوض لدى عرب هذه البلاد، وهذه ردة فعل طبيعية ولا شيء سيغير منها“
زئيف جابوتنسكي- مؤسس اليمين الإسرائيلي
وضوح متبدد:
لا شيء يضر أي قضية في العالم أكثر من أن يتبدد وضوحها، ولا شيء أكثر من تطاول الزمان يمكنه تبديد هذا الوضوح. فالقضية تكون واضحة في البداية، لا يتساءل مناضلوها حولها، بل يتساءلون حول وسائل حلها، لكن ما إن يتأخر هذا الحل، وتزداد القضية تعقيداً، وتتداخل فيها أطراف متعددة، حتى يبدأ التساؤل بالانتقال من وسائل تحقيق الحل إلى التساؤل حول القضية نفسها. الثورة السورية على سبيل المثال كانت شديدة الوضوح في بدايتها، حيث أنها ثورة الشعب المظلوم ضد النظام الظالم، وهي سعي حثيث نحو الحرية والعدالة، لكن ما إن طال أمدها، حتى بات هذا الوضوح يتبدد، فأصبح الثوار ”معارضة“، واختل الخط الفاصل بين ”الثورة“ و”الجهاد“، وبدأ الصراع ينتقل من كونه صراعاً لأجل التحرر من الاستبداد، إلى صراع بين ”أهل السنة والصفوية/العلوية“. صحيح أن اللحظات الحاسمة في تواريخ الأمم والمجتمعات- كلحظات الثورة، النضال من أجل الاستقلال، المقاومة…- تُظهر في الشعوب أفضل ما فيها في البدايات، لكن ما إن يتطاول الأمد حتى تبدأ بإظهار أوساخها، تظهر الخيانة، والتنكر للقضية، ترتفع المصالح الخاصة لتغطي المصلحة العامة، وتتشوش القضية فتتفرق ردود الفعل.
لا شيء في تاريخ العرب الحديث يؤكد هذا الأمر أكثر من قضية فلسطين، فالوضوح الذي قاد الجيوش العربية لدول مصر والأردن وسوريا والعراق ولبنان والسعودية وفرق المقاومة الفلسطينية لحرب ٤٨ بعد أيام قليلة من إعلان دولة اسرائيل قد تبدد، والآن، بعد سبعة عقود، تحولت قضية فلسطين من قضية ”عربية“ إلى قضية ”فلسطينية“، وتحولت الدول التي واجهت اسرائيل أكثر من مرة- كالأردن ومصر- إلى دول مسالمة، وتلاشى خيار التحرير لصالح عملية سلام هي في حقيقتها عملية استسلام ممنهج، وانتقل الموضوع من كونه ”تحرير الأرض المحتلة“ إلى ”بناء دولة فلسطينية في غزة والضفة“، وبالإضافة لهذا الخط – الذي تسميه الولايات المتحدة بالمعتدل- نجد أيضاً نمو ظاهرة المتصهينين العرب، الذين يسعون لترديد دعاية اسرائيل- الديمقراطية، المتقدمة،…إلخ- مقابل ازدراء وتشفي غريب من الفلسطينيين. Continue reading
هل للربيع العربي نتائج؟
لا توجد سطحية أكثر من اختصار الربيع العربي بنتائج الانتخابات في الدول العربية التي حدثت فيها الثورات، فالثورة الفرنسية لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزالها بكون «اليعاقبة» تسلموا زمام الحكم فيها، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزال ثورة تشرين الأول (أكتوبر) في كون الشيوعيين تسلموا الحكم فيها، إلا أن هذا الخلط بين المسألتين ورد إحداهما للأخرى، هو السمة الغالبة على بعض الكُتّاب الذين يتسابقون إلى إعلان نهاية الربيع العربي، وبأن نتيجته كانت – بالنسبة لهم – «مخيبة للآمال» Continue reading