ما هي الحرية؟ درس مبسط

بعد كتابتي لتدوينة “حول موضوع “الرق” وكيفية تعامل الإسلام معه” ثار نقاش مطول بيني وبين المعارضين لما طرحته في تلك التدوينة. الخلاف دار حول جوانب متعددة، لكن الذي لاحظته هو سيطرة مفهوم “الحرية” اللبرالي على عقول من حاورني. لهذا سأكتب في هذه التدوينة السريعة حول ماذا تعني “الحرية”.

في هذه الأيام عندما نتكلم عن الحرية، فنحن نتكلم عن المعنى اللبرالي لها، أي تلك المساحة المتروكة للفرد يفعل فيها ما يريد. إنها تعني “زوال القيود”، إنها تعني المساحة التي لا تتدخل فيها الدولة أو السلطة وتتركها للفرد يمارس فيها ما يشاء. بهذا المعنى، لا توجد “حرية مطلقة”، أي “لا بد أن توجد قيود”، وعند تحديد هذه القيود ينقسم الناس ويتنوعون: هل تتدخل الدولة في طريقة تربيتنا لأبنائنا؟ هل تتدخل الدولة في ما نلبس من ملابس؟ هل تتدخل الدولة في ما نأكل؟…إلخ. Continue reading

حول موضوع “الرق” وكيفية تعامل الإسلام معه

سأتحدث هنا حول موضوع الرق. ولن يكون حديثي هنا محاولة خلق أعذار وتبرير لما حدث، ولن تكون مهجوسة باختراع انتصارات وهمية لم تحدث في الماضي. الهدف فقط من حديثي هنا يتلخص في نقطتين:

١- فهم ظاهرة الرق بشكل أكثر دقة بحيث يكون حكمنا على الموضوع أكثر عدلا ومصداقية.

٢- إزالة الكثير من الخلط التي ترتبط عادة بمفهوم الحريّة، والعدالة… وغيرها.

ماذا يعني الرق؟

قديما كانت تنشب الحروب بين البشر، وكان المنتصر يقوم بقتل المهزوم. لكن فيما بعد، تغير موقف المنتصر، فعوضا عن قتل المهزوم يقوم باستعباده. فما الذي أدى لهذا التغير؟

قبل الإجابة على هذا السؤآل، لابد أن نشير إلى مسألة أولية يتم تجاهلها عادة وهي أن للإنسان- أي إنسان- حاجات أساسية عليه تلبيتها من أجل أن يبقى هو كفرد على قيد الحياة ومن أجل أن تبقى أسرته أو قريته أو قبيلته أو البشرية جمعاء، حاجات تتنوع من مأكل ومشرب ومسكن إلى تكاثر وولادة وتنشئة للجيل القادم. كل هذه الحاجات يجب على كل فرد سدها، فهي تلح عليه وتجبره بأن يسعى إلى سدها، وبدون سد هذه الحاجات لا يمكن أن يكون الإنسان حرا. فالحريّة القديمة تعني التحرر من هذه الحاجات من أجل التمكن من قيام بأعمال أخرى. فحتى يستطيع العابد أن يتفرغ لمناجاة ربه، عليه أولا أن يسد حاجاته، وحتى يستطيع الفيلسوف تأمل الحقائق الأزلية، عليه أولا أن يسد حاجاته، وحتى يستطيع مواطني آثينا التفرغ للتجمع في ميدان المدينة من أجل التباحث في أمور السياسة، فعليهم أولا أن يتحرروا من حاجاتهم. Continue reading

١٠ نقاط حول “مسألة الاختلاط” في السعودية

١- الاختلاط شيء، والخلوة شيء آخر

عندما تتم مناقشة موضوع “الاختلاط” كثيرا ما نجد أنفسنا نتناقش حول “الخلوة”. لذلك لابد أن نوضح المصطلحات:

الخلوة: يقول ابن منظور في لسان العرب (خلا المكان إذا لم يكن فيه أحد). وكانت “دورات المياه” تسمى “خلاء”، لأن فيها يختلي بها المرء بنفسه فيقضي حاجته بعيدا عن الناس. و”الخلوة الشرعية” عندما يكون الزوجان لوحدهما بعيدا عن الناس. وبالتالي، فالخلوة هي: وجود رجل وامرأة لوحدهما في مكان معزول عن الناس.

مثال: حادثة النبي يوسف وامرأة العزيز، فهذه تعتبر خلوة، فهما قد كانا في مكان واحد وقامت هي باغلاق الابواب، حتى لا يأتيهما أحد.

 الاختلاط: هو وجود نساء ورجال في أماكن عامة سوية.

مثال: الأمثلة على ذلك كثيرة: منها الحج  (وهذا مقطع فيديو يبين اختلاط النساء والرجال في وقفة عرفات والصلاة والعمرة (هذا مقطع آخر في الحرم أيضا)، وكذلك في الأسواق والحدائق العامة حيث يجتمع النساء والرجال وتدخل النساء في المحلات التي يبيع فيها الرجال، وتتبضع من هذه المحال. Continue reading

المقالات من ٧١-٨٠، في جريدة الحياة

هذه مقالات كتبتها في صحيفة الحياة من ١٧ يناير ٢٠١٢- ٢٠ مارس ٢٠١٢، أعيد نشرها هنا في المدونة إلى جانب باقي مقالاتي القديمة.

٧١- البيروقراطية… ومراعاة التقاليد

نشرت في جريدة الحياة بتاريخ ١٧ يناير Continue reading

هل كانت حادثة جهيمان لحظة مفصلية في تاريخ المملكة؟

حادثة

في أول يوم من القرن الخامس عشر الهجري (١-١-١٤٠٠هـ/ الموافق ٢٠ نوفمبر ١٩٧٩) قام مجموعة – تتراوح بين ٢٠٠ إلى ٣٠٠ شخص- باقتحام الحرم المكي. قائد الاقتحام يدعى جهيمان العتيبي، الذي أعلن أمام المعتمرين المحتجزين أن زميله- الواقف بين يديه بين الركن الأسود ومقام إبراهيم- (محمد عبدالله القحطاني) هو المهدي المنتظر، وأنه خرج ليملأ الدنيا عدلا بعدما ملئت جورا. لم يستمر التمرد أكثر من أسبوعين، إذ بعد تبادل للنيران متقطع مع القوات السعودية التي عاونتها فرق من الجيش الفرنسي بقيادة بول باريل – قتل على أثرها عدد كبير من المتمردين بمن فيهم المهدي القحطاني نفسه- تم اعتقال حوالي ٤٠ من المتبقين من بينهم جهيمان نفسه الذي حكم عليه بالإعدام.

بناء أسطورة

في عام ١٩٩١، أي بعد عشر سنوات على الحادثة، صدر كتاب (حتى لا تكون فتنة) الذي كتبه- من سيعمد فيما بعد مثقفا وأديبا وإصلاحيا وإداريا محنكا- غازي القصيبي مهاجما فيه شيوخ الصحوة (سلمان العودة، ناصر العمر، عايض القرني). في هذا الكتاب سيتم إيراد ذكر جهيمان في مقالة بعنوان (يا علماء الإسلام! بينوا ما يجوز فيه الاختلاف)، حيث استخدمه القصيبي كمثال على أن إخفاء الاختلاف عن الناس يسهل حشدهم واستغلالهم سياسيا من قبل “فقهاء السياسة” الأمر الذي قد يؤدي لفتنة كفتنة احتلال الحرم. وهذا الربط بين حادثة جهيمان و- ما اصطلح على تسميتها- “الصحوة” سيتكرر كثيرا فيما بعد، بشكل كربلائي غريب.

Continue reading

كورا التي لا تخجل – قصة مترجمة

كورا التي لا تخجل

لانجستون هيوز

ترجمة: سلطان العامر – سمية عبدالعزيز

I

كانت ملتون واحدة من تلك الأماكن الصغيرة البائسة البين بين، فهي ليست كبيرة كفاية لتصبح بلدة، ولا صغيرة بالمقدار الذي يجعلها قرية بمعناها الريفيّ الساحر. فملتون لا تتوفر على أي سحر، وهي تقريبا عبارة عن مجموعة غير قابلة للوصف من البيوت والمباني في منطقة زراعية، إنها واحدة من تلك الأماكن الأمريكية الحزينة التي يوجد فيها أرصفة لكن بلا شوارع معبدة، أنوار كهربائية لكن بلا مجاري، محطة سكة حديد لكن دون قطارات تتوقف فيها لا في الصباح ولا في المساء. هذا بالإضافة إلى أنها تبعد ١٥٠ ميلا عن أي مدينة حولها بما فيهنّ مدينة ساوكس.
كورا جنكيز واحدة من آخر القاطنين في ملتون. وقد كانت ما يدعوه أهلها، عندما يختارون أن يكونوا مهذبين، بـ(السمراء)، وكذلك، عندما يختارون أن يكونوا وقحين، بـ(الزنجية)- مضيفين بعض الأحيان كلمة (بغي) بدون مبرر واضح- أما بالنسبة لكورا فقد كانت عادة روحا غير مؤذية، ماعدا أنها تقوم باللعن في بعض الأحيان. Continue reading

كيف تؤسس مجموعة قراءة ؟

طلب مني أحد الزملاء في تويتر أن أعاونه في رسم طريقة لتشكيل مجموعة قراءة فعّالة، ولأنني تقريبا منذ أكثر من ست سنوات كنت دوما مشاركا في مجموعات قراءة متنوعة (سواء في السكن الجامعي في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أو في الرياض، أو في بريدة، أو هنا في واشنطن)، فحاولت تشكيل آلية بسيطة قدر الإمكان تكون مفيدة وملائمة للوسط السعودي وبنفس الوقت مفيدة وفعالة في بناء المشاركين فيها فكريا. وبعد أن فرغت من تشكيل هذه الآلية، وجدت أن نشري لها هنا ربما سيكون مفيدا لمن كان لديه هدف مشابه.

لماذا تؤسس مجموعة قراءة؟

١- لأن قراءة الكتاب مع مجموعة متنوعة يجعلك وكأنك تقرأ الكتاب الواحد ست أو سبع مرات بدل أن تقرأه مرة واحدة.

٢- لأن النقاش حول الكتاب الواحد بين أشخاص مختلفين، سيسلط الضوء على جوانب لم تنتبه لها، سيعمق من فهمك للجوانب التي ركزت عليها، وبالمجمل سيجعل عمق فهمك للكتاب أكثر بكثير من لو قمت بقراءته لوحدك. Continue reading

هل المرأة مساوية للرجل؟

يمكن القول أن الكثير من المسائل التي تتعلق بالمرأة (حقوق، قيادة سيارة، وظيفة، دراسة…إلخ) تنطلق في جذرها من موقفنا من مسألة “مساواة الرجل والمرأة”. سأحاول في هذه التدوينة أن أسلط الضوء على الكثير من الخلط والتشويش الذي يقع فيه الكثير من الخائضين في هذا الموضوع سواء من رافضي المساواة أو مؤيديها.

وسأبدأ بالدفاع عن هذه العبارة “أنا أطالب بالمساواة بين الرجل والمرأة”

أولا: المساواة لا تعني المطابقة:

عندما نقول أن الرجل مساوٍ للمرأة، فنحن لا نقول أن الرجل مثل أو مطابق للمرأة.

وهذا الخلط بين “المساواة” و “المطابقة”، هو الجذر الرئيسي لكافة صعوبة التواصل مع “رافضي المساواة”، ففي الوقت الذي تتحدث فيه أنت عن “المساواة”، يتحدثون هم عن “المطابقة” باسم “المساواة”. ولكن: ما هو الفرق بين “المساواة” و “المطابقة”؟ هل نحن هنا نتلاعب بالكلمات والألفاظ؟

سأوضح بمثال الفرق بين المفهومين: البرتقالة ليست مثل التفاحة. لكنها قد تكون مساوية لها في الوزن، أو السعر، أو غيرها من الخصائص. Continue reading

نشر ترجمة: هل نستطيع التسامح مع التشدد؟

أتشرف بنشر ترجمة الزميل ناصر البشري لمقالة فرانك فرودي “هل نستطيع التسامح مع التشدد؟” الموجودة في قسم الترجمات، أو على هذا الرابط.