باعتقادي أن سؤال العنوان بهذه الصياغة: واضح، لكني أعرف جيدا أننا غالبا لا نقرأ ما هو مكتوب أكثر من قراءتنا لما نفترضه خلف الحروف المكتوبة أمام أعيننا. فالسؤال يقول “هل قتل”، إذن هو محصور بحادثة القتل نفسها، لا تسأل عن الثورة ككل، وإنما عن هذه اللحظة التي حدثت البارحة التي تم فيها قتل القذافي. وهو تساؤل لا ينمّ عن كثير حزن على القذافي، بل لا أخفي سعادتي من اختفاءه من عالمنا. أخيرا، وقبل أن أدلف إلى الموضوع، فيجب أن أؤكد أنه: لا، لا يمكن الجمع بين الإجابتين، كما سنرى لاحقا. Continue reading
ليبيا
ثورة ليبيا: انتهت المرحلة الأسهل
كثيرون يعتقدون أن الثورة هي هذه الفترة التي يستغرقها الشعب للإطاحة بحكومته المستبدة، ولكن هذا غير صحيح: هذه هي مرحلة (التحرر) فقط، مرحلتها الأولى، ومرحلتها الأسهل أيضا. بعد ذلك تأتي مرحلة أخرى، أطول فترة، أقل إثارة، لكنها أصعب بكثير، وعليها وحدها يتوقف كل معنى الثورة، وهذه المرحلة هي مرحلة (الحرية). وفي هذا المجال سأتحدث عن ثلاث نقاط رئيسية:
١- التحرر شيء، والحرية شيء آخر
لنفرض أن شخصا ما مقيدا بسلاسل؛ هو الآن ليس حرا. وبعد عدة محاولات، استطاع التخلص من قيوده والهرب، وبدأ الذين قيدوه أول مرة بملاحقته. هو الآن (تحرر) من قيوده، لكنه هارب ومهدد بأنه في أية لحظة قد يتم القبض عليه وإعادته لتلك السلاسل، أي أنه ليس حر. هو (تحرر) من قيوده، لكنه لم يبن بعد ما به يستطيع منع الذين يلاحقونه من إعادته لقيوده، أي لم يبن المؤسسات التي تجعله يمارس (حريته).
من هذا المثال المجازي، نستطيع القول أن كل ما قامت به الثورة الليبية حتى الآن، كل الدماء التي أريقت، كل الشهداء الذين سقطوا، كل الخيارات التي اضطروا إليها- كالاستعانة بالناتو وغيرها-، كلها بمثابة التخلص من القيود، أي أنها فقط مرحلة التحرر. فهم حتى الآن ليسو أحرارا، بل هم في اللحظة التي فيها الحرية مهددة أكثر من غيرها، فإن لم يتم بناء المؤسسات التي تحميها، عاد الليبيين مجددا إلى القيود التي بذلوا الغالي والنفيس من أجل تحطيمها. فهم الآن يعيشون المرحلة التي قلّما استطاعت الشعوب الأخرى النجاة منها. Continue reading